رواية منظور الشرير - الفصل 9
“أبناء العاهرة”
كنت أمشي بخطوات سريعة داخل الممرات الفسيحة لهذا المكان اللعين بينما سمعت صوت آدا و هي تحاول اللحاق بي .
أحسست بدقات قلبي التي لم ترد أن تهدأ ، لقد كان هذا مخيفا كالجحيم ..
كيف تمكنت في المقام الأول من الرد بتلك الطريقة ؟ لقد كنت أرتجف دون توقف بعد كل شيء ..
ربما أنا شخص مجنون؟ .
حسنا … هذا لا يهم بعد الأن..
“فراي ! إنتظر ..”
إستدرت لمواجهة أختي .. “نعم مالأمر؟”
“هل أنت بخير ؟ هل آذاك بمكان ما؟”
ضحكت ساخرا ..”منذ متى تهتمين بسلامتي آدا ؟ ظننت أنك ستسعدين برؤية هذا ..”
عبست آدا
“لست قلقة عليك ، لكن ما حدث هنا قد يؤثر على مكانتنا ، نحن العائلة الرئيسية و هم مجرد فرع لا تنسى هذا .. لذلك أنا بالتأكيد سأجعله يعرف مكانه ..”
رأيت الحقد بأعين آدا و أشفقت على فولكان الذي سيصبح خادما لها..
“هاه … إعفني من هراء العائلة ..”
كنت أقف حاليا أمام الغرفة التي تم إعدادها لي ، عندما مددت يدي لإدارة مقبض الباب إستوقفتني آدا .
“ماذا تفعل ؟ ستقام حفلة على شرفك و قد حضرت العائلة بأكملها … يجب أن تظهر وجهك هناك على الأقل..”
~بفففتتت~
أنا ضحكت .
“حفلة على شرفي؟”
“كفانا نفاقا … آدا … أبناء العاهرة لم يظهرو سوى الازدراء و الأن عندما أوشكت على أن أصبح اللورد يريدون أن يصبحو على جانبي الجيد؟”
“هذا هراء … في المقام الأول لم يزعج أي من الشيوخ نفسه بلقائي ، بل فقط ارسلو فولكان ..”
إلتزمت آدا الصمت … لم تستطع إنكار ما قلته ..
“سأرتاح في غرفتي حتى موعد المجلس ، الى ذلك الحين فاليحتفل الجميع بشرفي أو شرف غيري ، أنا لا أهتم ..”
دخلت غرفتي و أغلقت الباب خلفي تاركا أختي هناك وحدها … ربما كنت أميل إلى مراعاتها أكثر من اللازم مؤخرا ، لكنني تذكرت من جديد ما كان علي فعله بعد تهديد فولكان الاخير… هذه مجرد شخصيات إبتكرتها … أدوات في أحسن الأحوال ..
ما يهم هو تحقيق هدفي ، هذا هو كل ما يهم .
…
“بارد”
وقفت آدا هناك أمام الباب ، لقد عاد فراي لذلك الإنسان البارد من جديد ، لم تعد تفهمه إطلاقا .
بدا حزينا أحيانا ، غاضبا أحيانا ، باردا معظم الاوقات .
لقد تحسن قليلا في الأيام القليلة الماضية لكنه عاد بسرعة لبروده بعد مقابلته لفولكان . لم تفهم ما كان يحدث معه .
هو بكل تأكيد أفضل بكثير من فراي الشرير القديم ، بعد كل شيء هو لم يؤذي أحدا طوال فترة إقامتها معه ، أصبح ناضجا …
لكنها لم تكن واثقة … هل هو تغير ؟ أم أنه الهدوء قبل العاصفة ؟ .
بهذه الأفكار غادرت آدا متجهة نحو الحفلة … كان الحفاظ على سمعة العائلة أولويتها في الوقت الحالي .
…
إتكأت على الباب .
كنت داخل غرفة واسعة بجدران عالية ، أثاث فاخر … سرير متوسط الحجم ..
كانت مجهزة بكل شيء تقريبا نفس غرفتي السابقة ما عدا حجم السرير .
إتجهت إلى كرسي هزاز لمحته على الجانب و رميت بنفسي عليه .
كنت أتأرجح بهدوء و أنا أنظر إلى السقف ..
‘أبناء العاهرة يراقبونني .’
كانت هذه حقيقة مطلقة ، أنا مراقب منذ اللحظة التي وطأت فيها قدمي هذا المكان .
مجلس الشيوخ ، مجموعة من المحركات الصدئة ، منافقون حتى النخاع .
هؤلاء الحمقى يحاولون قمعي قدر الإمكان..
لولا وصية والد فراي لكانو قد قتلو صاحب هذا الجسد منذ وقت طويل.
قيل أنهم إحترمو والد هذا الجسد ‘آبراهام ستارلايت’ ، لكنني لا أعلم أين هو الإحترام فيما فعلوه .
نعم هم لم يقتلوني ، لكنهم قامو بالأسوء .
لقد أدركت كل شيء عندما مكثت لشهر كامل رفقة آدا .
أولا تم عزل فراي تماما عن أراضي العائلة ، بحيث أن قصره يقع بالجانب الاخر من الإمبراطورية و كأنهم يقومون بنفيه . أو لتسهيل قتله .
ثانيا تم قمع تدريب فراي عن عمد ، شخص بهذه المكانة يفترض أن تتاح له أفضل الموارد التدريبية ليصل الى أبعاد أعلى ، لكن على العكس… تم إبقاءه في الأسفل .
ثالثا هم حاولو قتل فراي بطرق غير مباشرة ، لهذا السبب منحوه تلك المهارة الغبية “الإفتتان” آملين أن يستعملها على أحد بنات العوائل الكبرى و يسبب كارثة تم يتم قتله كانتقام .
أرادوني ميتا لكنهم لا يستطيعون مد يدهم مباشرة ..
هذا جعلني أخرج باستنتاج واحد ، المجلس منقسم .
هناك فئة تريدني ميتا بأي وسيلة كانت ، و الأخرى لا تحبني لكنهم يحترمون وصية آبراهام .
لذلك تحاول الفئة الأولى قتلي بطرق غير مباشرة ..
لنسمي المجموعة الأولى ب “أبناء العاهرة الذين يريدون موتي”
أما الثانية ب “أبناء العاهرة الذين يكرهونني لكنهم لا يريدون موتي”
هل توجد مجموعة ثالثة ؟ لا أعتقد لكنني سأكتشف قريبا .
ربما كانو يأملون أن يقتلني فولكان ثم يتحمل المسؤولية بنفسه و يموت هو الاخر ..
نهضت من الكرسي و إتجهت الى الشرفة ، أحاطت الجبال بنا من كل جانب ما جعله منظرا لا تراه كل يوم ..
خطتي تبدأ هنا ..
هم يريدونني ميتا ، و أنا الأخر سأحقق لهم رغبتهم .
خطتي بسيطة ، أولا سأتخلى عن منصب اللورد ما سيصدم الجميع .
ثم بعدها ، علي أن أبدو كشخص يريد الانتحار .
لقد قمت بخطوتي الأولى بالفعل أمام فولكان عندما اخبرته أن يقتلني … حاولت أن أبدو مجنونا قدر الإمكان وقتها مدركا لحقيقة أنهم يراقبون .
برؤيتي راغبا بالانتحار سأرمي بورقتي الاخيرة .
“أريد الذهاب في رحلة تدريبية”
الى أين؟
“أراضي الكابوس … المكان الذي كان يسمى الصين في الماضي ”
وحدك؟
“وحدي”
مثالي أليس كذلك ؟ أجعلهم يوصلونني مباشرة إلى مكان وجود أسلوب “عشرة آلاف خطوة من الظل”
فرصة نجاة شخص مثلي في الفئة F هناك معدومة و هذا ما سيعتقدونه ، لكنني أملك بعض الحيل في جعبتي .
سيظنون أنهم تخلصو مني أخيرا ، فراي الغبي ذهب إلى موته بنفسه ، لكنهم لن يدركو أنهم سيكونون سبب نجاتي .
خطتي كانت مبنية على توقعات جامجة من طرفي ، نجاحها من عدمه ، سأكتشفه غدا .
أنا لم أستطع النوم في تلك الليلة .
…
و ها نحن ذا .
كنت مجبرا على تحمل الخادمات من حولي اللواتي أصررن على إلباسي .
لا أدري كم مر من الوقت لكنه بالساعات ..
عندما نظرت الى المرآة في النهاية أردت التقيؤ … كنت أبدو كطفل مدلل بملابس باهضة الثمن .. و مع تسريحة الشعر المنسدل على الجانب بدوت حقا مثل أولئك النبلاء المتعجرفين ..
‘إهدأ … يجب أن أتحمل اليوم فقط ..’
في النهاية التقيت بآدا التي إرتدت فستانا مذهلا باللون الأسود محاولة التنسيق معي و شققنا طريقنا نحو المكان الموعود .
رافقنا العديد من الخدم على طول الطريق ..
و أخيرا بلغنا القاعة الرئيسية التي ستحتضن هذا الحدث ..
أخذت نفسا عميقا عندما نظرت الى حجم الباب الهائل أمامي … باب يمكنه أن يحتوي فيلا ضخما ..
“هذا هو أقصى حد يمكننا بلوغه سيادتكم ، من هذه النقطة فقط اللورد و مرافقه يمكنهم الدخول .”
إنسحب الخدم و تركنا وحدنا ..
تبادلت إيماءة خفيفة مع آدا و فتحت الباب بعدها … أضطررت لتمرير بعض الأورا عبر ذراعي لدفع الباب الضخم .
عندما إنفتحت البوابة أدركت أنني تسرعت كثيرا …
على الفور سقطت علي مئات الاعين … إذا لم تكن أكثر.
القاعة أمامي كانت هائلة مثل ساحة ملعب ضخم ، محاطة بمدرجات فاخرة ، كل شيء كان مطليا باللون الذهبي و الأبيض .
إلى الامام مباشرة تواجدت منصة علت كل شيء ، فوقها وضع 12 مقعدا .
فوق تلك المقاعد جلس أقوى الأشخاص داخل هذه العائلة .
بمجرد إحساسي بتلك النظرة الباردة التي رمقوني بها إختفى كل الهدوء الذي تظاهرت بامتلاكه و حل محله التوتر .
تقدمت بخطوات مترددة و وقفت في المكان المخصص لي ، وسط كل شيء .
شددت قبضتي و سيطرت على تعابيري .
‘هذه ليست مقابلة ، هذه أشبه بالمحاكمة .. محاكمة لي ..’
إنزعجت من الأمر لكنني قررت تمريرها ، أنا أضعف من أن يكون لي صوت ..
رفعت رأسي و حاولت التعرف على الأشخاص أمامي.
كان المكان في حالة فوضى بسبب الهمس المستمر من الجمهور ..
من بين عائلة ستارلايت بأكملها لا أتذكر سوى شخصين ، الأول رجل عجوز و الثاني إمرأة … كانا الشخصيتان الوحيدتان التي بذلت بعض الجهد في كتابتهم و كان لهم دور بالأحداث .
من بين ال 12 جلس عجوز في الوسط متخذا القيادة بشكل صارخ و كأنه يقول “أنا الرئيس هنا”
‘لابد أنه هو … الأسد الخالد ليونايدس ستارلايت ، عمره من المفترض أن يتجاوز ال150 سنة لكن أنظر إليه..
جالس مستقيما كالرمح ، شعره الطويل الكثيف منسدل الى الخلف و لحيته كانت تبدو مثل بدة الأسد. نظراته وحدها كانت كافية لدفني في مكاني …
هذا هو رئيس مجلس الشيوخ و الأقوى داخل العائلة حاليا ، مستيقظ من الفئة S+ على بعد خطوة من الفئة SS.
أنزلت رأسي و تحملت كمية الازدراء التي سقطت علي .
أكاد أجزم أن الجميع هنا قد كره فراي .
كنت مجبرا على تحمل هذا العبئ لكن لا بأس … إحتجت الى كل الأسباب لكره هذا العالم أكثر .
عندما شعر ليونايدس أنه رأى ما يكفي رفع يده .
هذه الحركة البسيطة كانت كافية لجعل الجميع يلتزم الصمت معززا هيبته بذلك .
أدار ليونايدس رأسه معيدا إنتباهه إلي قبل أن يفتح فمه و يدوي صوته العميق كالرعد داخل القاعة .
“فراي ستارلايت”
أخذ ثانية قبل أن يواصل
“إبن آبراهام ستارلايت .”
كل كلمة من كلامه كانت تسبب زلزالا لعمودي الفقري ، و كأنه يصرخ بجانب أذني .. لم أكن أدري إذا كان هذا نوعا من المهارات أو ببساطة حضوره فقط … لكنه لم يكن ينوي أن يصمت بأي وقت قريب ..
“حفيد أخي الأكبر … إيزان ستارلايت”
“الذي كان بدوره إبن والدنا مؤسس هذه العائلة ، نوفا ستارلايت .”
كان هذا إسما كنت على دراية به … بعد كل شيء نوفا هو أحد الأشخاص القلائل الذين بلغو الفئة SSS…
أضاءت أعين الأسد الخالد عندما واصل كلامه ، “كل الأسماء التي ذكرتها ما عداك … كانو لوردات هذه العائلة على مدار ال 300 سنة الماضية .”
“كل واحد منهم رفع هذه العائلة … بالدم و الدموع و الأهم من ذلك … بالقوة .”
رأيت قوة مرئية تنبعث باستمرار من جسد ليونايدس بحيث أن هالته غطت القاعة بأكملها … أخيرا تجمعت تلك الهالة و تشكلت على شكل ثلاثة أجسام ضخمة في الهواء.
كل واحد منها يخص أحد اللوردات السابقين .
برؤية هذا المشهد المذهل للتحكم بالاورا ، إنفجرت القاعة بتصفيق و الهتاف .حتى الشيوخ الذين جلسو بجانبه أظهرو إعجابهم .
نظرت إلى الأعلى و أحسست بهذه القوة … كان مرعبا.
مجددا ، رفع ليونايدس يده عندما إستحم بما يكفي من التصفيق و المديح .
“أخبرني يا إبن آبراهام ، مقارنة بهذه الوحوش التي رسمتها قبل قليل في الهواء ، ماذا لديك لتقدم؟”
‘تحاول أن تحشرني إذا ؟حسنا لنلعب لعبتك’
لا شك في ذلك … كان ليونايدس في الفريق الأول ، الفريق الذي يريد موت فراي .
تقدمت خطوة إلى الأمام نحو جهاز تضخيم الصوت الذي وضع أمامي .
نظفت حلقي قبل أن أعلن .
“إسمي فراي ستارلايت الأول من إسمه ، شاءت الأقدار أن آتي الى هنا و أمثل أمام سيادتكم .”
“لقد سألتني مالذي أستطيع تقديمه مقارنة بأسلافي ، و جوابي بسيط … ”
“ما لدي لأقدمه ، هو لا شيء .”
قلت كلمتي وتراجعت خطوة إلى الخلف . تاركا القاعة بأكملها في حالة صدمة .