رواية منظور الشرير - الفصل 1
بين عالمين
“يقال أنك لن تدرك قيمة الشيء ، ما لم تفقده أولا ”
…
…
…
الشهر التاسع ، السنة الميلادية 2026
تفادى سنو ضربة مباشرة كانت ستنهي حياته بفضل مهارته …
“لا هذا لا يبدو جيدا”
بعد معركة طويلة بلغ سنو حدوده و يمكن القول أن الأمر ينطبق على خصمه هو الأخر ، أراد كلاهما وضع حد لهذه المعركة ..
“ولا هذا هو الأخر ..”
تمددت فوق كرسي مكتبي بعدما أدركت أنني أمضيت عدة ساعات و أنا احشر وجهي داخل شاشة حاسوبي الشخصي .
طوال الساعات القليلة التي مضت يمكن لأي شخص يمر بغرفتي أن يسمع صوت طقطقة لوحة المفاتيح لأن الكلمات اليوم و على عكس العادة كانت تنهمر بغزارة .
على أية حال عندما إستعدت أحساسي بما حولي أخيرا أدركت أن الوقت قد تأخر بالفعل لأن ضوء الشاشة كان الشيء الوحيد الذي أضاء الغرفة .
أخرجت هاتفي من جيبي و ألقيت نظرة على الساعة لأجدها الثانية صباحا .
“يبدو أنني بالغت اليوم”
قمت بإغلاق حاسوبي و رميت بجسدي فوق السرير ، اجبت على الرسائل التي فاتتني في الساعات القليلة الماضية ، تجولت قليلا في التايم لاين أضع اعجابات لفديوهات سخيفة أو صور عشوائية قبل أن يغلبني النعاس و أنام أخيرا .
للأسف لم انتبه لتاريخ اليوم ما جعلني أنسى تماما حقيقة أني بهذا اليوم قد بلغت ربع قرن من عمري .
…
في الصباح الباكر كما هو متوقع لم أستطع النهوض بمفردي بالحكم على الوقت المتأخر الذي نمت فيه .
لحسن الحظ لم أكن اخشى حدوث ذلك بفضل الهز اللطيف الذي أيقضني من سباتي ..
“إستيقظ ستتأخر عن عملك ، هل سهرت تكتب تلك الرواية ثانية ؟ اخبرتك مرارا الا تفقد احساسك بالوقت عندما تفعل ذلك” ..
نهضت من فراشي ببطء و بكل صراحة كلام أمي دخل من أذن و خرج من اذن اخرى أعني بحقك ، أنا حرفيا فتحت عيني قبل ثواني لكنها أمطرتني بالفعل بسيل من الكلمات ..
لكنني لم أكره ذلك ، بالعكس لو أردت كنت أستطيع ضبط منبه لكنني أردتها أن توقضني بدلا من ذلك ، شاب في هذا العمر لا يزال يعتمد على أمه لإيقاضه ، أبدو كطفل كبير أليس كذلك ؟ لكن من يهتم لرأيك على أية حال.
“صباح الخير”
حييت والدتي التي كانت لا تزال تتكلم عن حقيقة أنني تأخرت و الكلام المعتاد ، حثتني على الإسراع في النهوض و هذا ما قمت بفعله ..
قبل سنتين أنهيت دراستي و بعد سنة كاملة من البحث عن عمل وجدت وظيفة جيدة داخل شركة محترمة و ها أنا ذا بدأت أدخل هذا العالم بعدما كنت مجرد طالب لسنوات طويلة ..
حسنا أنا تقنيا لازلت في سنتي الأولى منذ توظيفي لذلك لا أريد التأخر بطبيعة الحال ..
بعد الإستحمام و القيام بروتيني اليومي أرتديت ملابسي و حاولت التنسيق بينها بأقصى أحساس بالموضة أستطعت التوصل اليه ثم نزلت الى الطابق السفلي و تناولت الغذاء مع والدي ..
علاقتي معه كانت اكثر من رائعة ، و كيف لا تكون ؟
أبنه الأكبر أنهى دراسته و هاهو الأن بوظيفته و بدأ يبني حياته الخاصة … في عينيه هو لم يطلب أكثر لذلك كان الجو مرحا على طاولة الغذاء و لم يمضي وقت طويل قبل أن ينضم الينا أخوتي الذين لا يزالون يداولون على دراستهم ..
بعد مضايقتهم قليلا نركب السيارة مع والدي الذي يقوم بإيصال كل واحد منا ، طبعا هذه المرة ركبت رفقة أخواي من الخلف لأن امي ارادت مرافقتنا ..
لم أكره هذا الجو العائلي لأنني كنت أتوق اليه بعد كل تلك السنوات التي قضيتها أدرس بعيدا ..
بصراحة أنا استطيع الانتقال للعيش بمفردي في أي وقت اريد و انا قادر على ذلك لكن من يرغب بذلك بحق الجحيم ؟ قطعا لست أنا … أريد أن استمتع بهذه الأيام معهم مادمت قادرا على ذلك ..
“أحب حياتي”
تمتمت تحت أنفي ، أعني عائلة سعيدة وظيفة جيدة أصدقاء رائعون جمعتني ذكريات معهم من سنوات طويلة، لم أكن خارق الجمال لكنني لم أكن بشعا …مالذي أريده أكثر من هذا ؟ لو عشت مرة أخرى لأردت أن أعيش نفس هذه الحياة … لقد كان هذا هو سقف طموحي المتواضع ..
تنهدت و سحبت حاسوبي المحمول من حقيبتي الخاصة و قررت إلقاء نظرة سريعة على ما كتبت البارحة …
طبعا هذا لم يفت أخي الأصغر الذي كان يجلس بجانبي لأنه على الفور حشر رأسه أمامي بينما إتكأ على كتفي ..
“هل كتبت فصلا جديدا ؟ ماذا حدث ؟ هل أنتصر البطل؟ هل أستعمل الهجوم الفلاني؟”
تنهدت داخليا ..’ها نحن ذا’
إبتسمت لأخي الأصغر بينما أجبت على أسئلته ، هذا الموقف برمته لم يكن يحدث للمرة الأولى ..
رأيت نظرة أبي في مرآة السيارة الخلفية بينما إبتسم ..
“أخوك حقا يحب روايتك ”
بالطبع هو يحبها و إلا لم يكن ليمطرني بكل هذه الأسئلة عنها كلما كتبت المزيد …ضحكت بخفة ردا على والدي “حسنا أنا سعيد بأن يكون أكبر معجبيني هو أخي الصغير ” ربتت على رأس هذا الاخير برفق قبل أن أعيد إنتباهي الى الرواية التي ظهرت على شاشة حاسوبي .
‘أرض البقاء’
هذه رواية قد بدأت كتابتها منذ أيامي بالجامعة … يمكن القول أنها كانت هواية أدمنت عليها لأنني لم أجد مكان أفرغ فيه خيالي و أفكاري الجامحة .
لقد إستمتعت بكتابة هذه الرواية و قد أحبها القراء هم الأخرون ..
رغم انها كانت رواية نموذجية عن غزو الشياطين لعالم البشر لكنها لاقت إقبالا جيدا بفضل تصويرها لحياة البطل داخل أكاديمية لتعليم السحر و المبارزة و العلاقات الشيقة بين الشخصيات الرئيسية ، شياطين ، سحر ، حياة مدرسية، شخصيات جذابة من لن يعجب بهذا ؟ أعني حتى أنا الأخر كنت أستمتع بكتابتها .
لكنها تبقى مجرد هواية و هذا يفسر سبب إستغراقي كل هذا الوقت دون أن أنهيها … أعني لقد بدأتها قبل سنوات طويلة و لطالما إنزعج القراء من إستغراقي كل هذا الوقت لنشر فصل واحد ..
علي ان اعترف أن هذه الرواية قد أدخلت علي بعض الأموال الجيدة ، لكن كما قلت ستبقى مجرد هواية …
لا أريد أن تعتمد حياتي على الكتابة بعد كل شيء كلماتي لم تكن لانهائية لكن القراء الجشعين دوما يطلبون المزيد ..
‘حسنا أنتم تريدون المزيد و أنا أقول فالتذهبو الى الجحيم ‘
ستنتهي هذه الرواية يوما ما … لكن ليس الآن.
بهذه الأفكار أغلقت الحاسوب .
لكن في تلك اللحظة إختفت المناظر التي كنت أراها قبل قليل من نافذة السيارة و تم إستبدالها بضوء يعمي الأبصار جعلني أجفل بشكل لا إرادي قبل أن يختفي كل شيء من زاوية نظري ..
لم أستطع حتى ان أتنفس بشكل صحيح أو ألقي بنظرة جيدة على أفراد عائلتي قبل أن يتحول كل شيء الى الأسود ..
عندما تظن أن كل شيء يسير على ما يرام ستقوم الحياة بإشهار إصبعها الأوسط في وجهك ..
…
…
…
الشهر التاسع ، السنة الميلادية 2422 (300 سنة منذ كارثة البوابات)
“خشخشة ”
“خشخشة”
صوت فتح الباب
سمعت صوت خطوات خفيفة تأتي من بعيد قبل أن يناديني صوت لطيف ..
“لو….رد”
“لو..رد”
“إستيقظ … سيدي ”
“ها؟”
فتحت عيني ببطء و بدأت أستوعب موقفي ببطء ، لكن ما هي الا ثواني قبل تنزل صاعقة على رأسي و يضربني صداع حاد جعلني أتمسك بجمجمتي بشكل لا إرادي .
“أخخخ مالذي يحدث بحق الجحيم ؟”
تمتمت بصعوبة لأسمع الرد من نفس الصوت اللطيف
“لورد ستارلايت ، هل أنت بخير ؟”
إستدرت تلقائيا لمعرفة مصدر الصوت لأجد فتاة جميلة بشعر أسود و بشرة بيضاء ناصعة ترتدي ملابس الخادمات التي لم أراها سوى بأفلام الأنمي التي كنت أشاهدها تقف هناك بطريقة محترمة و كأنها تنتظر أمري مع ملامح من الإحتقار كانت تظهر بشكل واضح من عينيها ..
بدأت ببطء أنظر الى محيطي و أدركت أنها كانت تقف بعيدا بسبب السرير الضخم الذي كنت أنام في وسطه حاليا ، هل يجب أن أسميه سريرا في المقام الأول ؟ أعني حرفيا أستطيع لعب كرة القدم فوق هذا السرير ..
الغرفة كانت ضخمة حقا ، أرض رخامية بيضاء يمكنك أن ترى أثرا خفيفا لإنعكاسات الأشياء عليها ، جدران عالية و سقف مزين بإضاءة حديثة تناقضت بشكل صارخ مع بقية الأشياء .
أعني من بنى هذا المكان بحق الجحيم ؟ تخيل أن تأتي بشخصين احدهما من القرن الواحد و العشرين و الثاني من القرن السابع عشر ثم تقول لهما ‘هاي ، هلا بنيتما لي منزلا ؟’
حسنا النتيجة ستكون شيئا قريبا مما كنت اراه امامي الان ..
طبعا الغرفة كانت مزودة بكل وسائل الراحة و مدججة بالأثاث و يمكنني أن ارى مكتبا في زاويتها ..
أين أنا بحق العالم ؟
اتذكر فقط أنني كنت مع عائلتي بالسيارة أتجه الى عملي قبل أن ..اخ
ضربتني موجة أخرى من الصداع الذي كنت اعاني منه منذ إستيقاظي ..
‘على أية حال يجب أن أعرف أين أنا ‘
نزعت الغطاء من فوق جسدي و كنت أرتدي رداء نوم بسيط بلون اسود و رمادي فوق جسدي العاري ..
“إنتظر … جسدي؟”
بإلقاء نظرة سريعة على جسدي تجمدت للحظة .. أعني هل هذا جسدي في المقام الأول؟
بشرة بيضاء شاحبة و جسد خالي من العيوب بدون دهون … أنا بالتأكيد لم أكن سمينا في السابق لكن هذا لم يمنع تواجد بعض الترهلات في كل جسدي … لكن هذا بعيد كل البعد عن جسدي ..
فجأة بدأت أتوتر …
هذا لم يفت الخادمة التي كانت لا تزال تقف كالتمثال في الجانب لأنها سرعانما أنحنت لتلقي نظرة عن قرب علي ..
“سيادتك هل أنت بخير ؟ انت تتصرف بغرابة منذ إستيقاظك..”
“سيا..دتك؟” تمتمت ببطء … أين أنا ؟ احد مسرحيات العصور الوسطى ؟
“إنتظر… بماذا ناديتني من قبل ؟”
فجأة أستوعبت امرا مهما و قد أصابني أحساس سيء.
بسماع سؤالي امالت الخادمة رأسها على جنب “بماذا ناديتك ؟ تقصد سيادتك ؟”
“لا قبلها !” زحفت فوق السرير و اقتربت من الخادمة ..
برؤية موقفي إرتبكت الخادمة قبل أن تتمتم …”إعذرني سيدي ربما أخطأت في طريقة مخاطبتي لسيادتك أرجو ان تعذرني .”
قبل أن تنهي كلامها دوت صرخة من جانبي “توقفي عن التحدث بالهراء و أخبريني الأسم اللعين الذي ناديتني به بحق اللعنة !”
في هذه اللحظة لم أكن اتحكم في نفسي بسبب نوبة الهلع المصحوبة بالصداع لأنني بشكل غامض كنت أدرك ما حدث لكنني لازلت أنكره … لكن كلمات الخادمة الأخيرة سقطت فوق رأسي مثل الصاعقة ..
جفلت الخادمة بصوت مرتجف بعد صرختي الاخيرة و تمتمت ببطء …”لورد ستارلايت”
“ستارلايت”
“ستارلايت”
أعدت الكلمة أكثر من مرة أنا الاخر بصوت مرتجف ..
“مستحيل ..”
أنا احلم اليس كذلك ؟ اعني بحقك ؟ اي موقف هو هذا ؟ هل هو مقلب ؟ اذا كان مقلبا فهو ليس مضحكا
ستارلايت … كان هذا اللقب يذكر في مكان واحد فقط … و هو أرض البقاء
الرواية التي أمضيت سنوات أكتبها ..
قفزت بسرعة من على السرير و سألت الخادمة المرعوبة عن مكان أقرب مرآة … إرتبكت الخادمة أكثر و بدأت تراني كالمجنون بسبب أسئلتي التي من المفترض أن أكون على دراية بإجابتها لكن رغم ذلك هي أجابتني ..
“يوجد حمام متصل بغرفتك سيدي .. هو بعد ذلك الباب هناك..”
قبل ان تنهي كلامها كنت قد هرعت الى الحمام … فتحت الباب لأجد حماما فاخرا لم أكن لأراه سوى بقصر ملكة بريطانيا … لكن سحقا لكل ذلك ، ركضت نحو المرآة الضخمة في الجانب و عندما وقفت امامها حدث أكبر مخاوفي ..
تحسست وجهي ببطء و رأيت ملامح الرعب … لكن .
“من أنت؟ ”
لمست المرآة بينما سألت … أمامي إنعكست صورة لشخص بشعر شديد السواد رغم أني كنت نائما قبل قليل إلا أنه كان لا يزال يبدو ناعما و كأنني صففته قبل لحظات ، أعين سوداء كبيرة ، وجه خالي من العيوب ، ما عدا انه لم يكن وجهي ..
أحسست بالفراشات ببطني بينما أصابني الغثيان و مازاد الطين بلة هو الصداع الذي عاد من جديد أقوى من أي وقت مضى و كأنني وضعت داخل خلاط بينما سمعت صوتا خاليا من المشاعر بجانب أذني ..
“بدأ المزامنة”
“ضبط ذاكرة المستخدم”
“فراي ستارلايت”
بسماعي للكلمات الأخيرة أدرت كل شيء أخيرا لكنني لم أستطع أن أهنأ بذلك لأن صرخاتي علت المكان قبل أن يغمى علي فهذا الألم كان شيئا لا يستطيع بشري تحمله ..
‘فراي ستارلايت’
هذا كان أحد شخصيات روايتي أرض البقاء
و ليس أي شخصية… بل أكثر شرير مكروه في القصة … الشرير الذي اذا كان للقصة 100 مسار
سيموت في 101 منهم ..
…
…
…
الرواية مستوحاة من The Novel extra و The demon prince goes to the academy.